الارشاد (العلاج)المعرفي السلوكي
عملية الإرشاد المعرفي (لسلوكي):
هناك مجموعة من الميكانيزمات لحدوث التغير عامة في كل الأساليب والأنظمة العلاجية وفي بيئات العلاج التي فيها يحدث أو يقع التغير، هذه الميكانيزمات تنطوي على العمليات المعرفية للفرد. فأولها يجب ان يأخذ المسترشد في الاعتبار أن يصبح واعيا بسلوكياته غير المتوافقة، وتدريبه لكي يكون ملاحظا جيدا لسلوكه ومساعدته على تحديد مشكلاته. وثانيها اعتبار الوعى مؤشرا يولد حوارا داخليا معينا، تتم من خلاله مساعدة المسترشد على إحداث التغيير المعروف والانفعالي والسلوكي، اما ثالثها فتقول بأن هناك تغير في طبيعة الحوار الداخلي عما كان عليه المسترشد قبل بدء العلاج) والتركيز على تعزيز التغييرات التي تم إحداثها في سلوكيات المسترشد وتعميمها على سياقات أخرى بالإضافة إلى ان هناك عملية ترجمة مغذاة بواسطة انعكاس المشاعر والتوضيحات وإعطاء المعلومات والنماذج المعرفية التي يقدمها المعالج. لذا نقول بأن لعملية الارشاد المعرفي السلوكي ثلاث مراحل نتناولها على النحو التالي:
المرحلة الأولى: مراقبة الذات او الملاحظة الذاتية Self Observation:
حيث يرى ميكينبوم: أن الفرد في فترة ما قبل العلاج يكون عنده حوارا داخليا سلبيا مع ذاته، وكذلك تكون خيالاته وتصوراته سلبية، أما اثناء عملية العلاج وعن طريق زيادة الوعي والانتباه يركز المسترشد على ردود الأفعال الفكرية والانفعالية والجسمية، وعلى ألوان السلوك التفاعلي المتبادل بين الأفراد، وتؤدي عملية النقل أو الترجمة إلى ابنية معرفية جديدة Cognitive New
Sfructures تسمح للمسترشد بأن ينظر إلى الأعراض أو المشكلات بصورة مختلفة، وأن يبرز أفكارا والواذا من السلوك لا تنسجم مع حالمة عدم التوافق. والأفكار الجديدة تختلف عن الأفكار لقديمة غير المتكيفة. وهنا تحدث عملية إحلال أفكار جديدة متكيفة محل افكار قديمة غير متكيفة. إن إعادة بناه تكوين المفاهيم هذه تؤدي إلى إعادة تعريف مشكلات الفرد بطريقة تعطيه الثقة والتفهم والقدوة على الضبط، وهذه جميعها من مستلزمات عملية التغيير. إن إعادة تكوين المفاهيم Redocfronizmon، تساعد على إعطاء معان جديدة للأفكار والمشاعر والسلوكيات. إن الخطوة الأولى في عملية العلاج هي أن يعرف المسترشد كيف يتحدث، أو يعبر هن سلوكه. الأمر الذي يزيد من وعيه، وأن لا يشعر المسترشد بأنه سيكون ضحية للتفكير السلبي، ويجب على المعالج أن يعرف طرق (العزو) من الأفراد وعباراتهم التي يوجهونها نحو ذواتهم.
المرحلة الثانية: السلوكيات والأفكار المتنافرة:
incompatible Thoughts and Behaviors:
تكون عملية الملاحظة الذاتية عند المسترشد في هذه المرحلة قد تكونت وأحدثت صوارا داخليا عنده، فإذا كان لسلوك المسترشد أن يتغير، فإن ما يقوله لنفسه وما يتصوره يجب أن ينشئ سلسلة سلوكية جديدة تتعارض أو تتنافر مع سلوكه الحالي غير المتوافق. إن ما يقوله الفرد لنفسه؛ أي حديثه الداخلي الجديد لا يتناسب مع حديثه السابق المسؤول عن سلوكياته القديمة. إن هدا الحديث الجديد يؤثر في الأبنية المعرفية لدى المسترشد، الأمر الذي يجعل المسترشد يقوم بتنظيم خبراته حول المفهوم أو التصور الجديد الذي اكتسيه وجعله اكثر تكيفا، وهنا يستطيع المسترشد أن يتجنب السلوكيات شير المناسبة وفقا للأفكار الجديدة بطريقة تقوده إلى مواجهة أكثر فعالية.
المرحلة الثالثة: المعرفة المرتبطة بالتغيير cognition Concerning Change:
وتتعلق هذه المرحلة بتأدية المسترشد لمهمات تكيفية جديدة خلال الحياة اليومية، والحديث الذي يقوله المسترشد لنفسه حول نتائج هذه التجارب الشخصية ، وهنا ليس المهم أن يركز المسترشد على السلوكيات المتغيرة التي تعلمها وعلى نتائجها التي سوف تؤثر على ثبات وتعميم عملية التغير في السلوك، بل إن ما يقوله المسترشد لنفسه بعد عملية العلاج شيء هام وأساسي، وإن عملية العلاج تشتمل على تعلم مهارات سلوكية جديدة، وحوارات داخلية جديدة وأبنية معرفية جديدة.
ويمكن تمثيل عملية العلاج كالاتي
- قبل العلاج: سلوك غير مرغوب به ← حديث داخلي سلبي قديم متعلق به
- أثناء العلاج: استبدال الحديث بحديث داخلي جديد متكيف ← تكوين بناءات معرفية جديدة
- بعد العلاج: سلوك مرغوب به← تقييم← السلوك← تعميم السلوك ←تثبيت السلوك. (جمعة، 2002 ص68)
يمكن إجراء العلاج المعرفي السلوكي بشكل فردي أو جمعي ويمكن أيضا عمله عن طريق كتب المساعدة الذاتية أو برنامج حاسوبي. حيث يطلع المرشد على أفكار المسترشد ومشاعره وتصرفاته، وهل هي غير واقعية أو غير مفيدة، وما مدى تأثيرها على بعضها بعضا، وعلى شخصية المسترشد. وهنا يساعد المعالج المسترشد على تغيير هذه الأفكار والتصرفات غير المفيدة واستبدالها بأفكار وتصرفات مفيدة.
ويكمن موطن القوة في العلاج المعرفي السلوكي في أنه بإمكان الفرد الاستمرار تطبيق ما تعلمه وتطوير مهارات جديدة.
خامسا: نظرة الإرشاد المعرفي السلوكي إلى الاضطراب النفسي:
ان المنهج المعرفي السلوكي يجعل فهم الاضطرابات وعلاجها أكثر اتصالا بخبرات الحياة اليومية للمريض، ومن شأن هذا المدخل أن يغير نظرة الإنسان إلى نفسه وإلى مشاكله، فالإنسان ليس رهـين تفاعلات كيميائية أو مؤثرات عمياه أو انعكاسات آلية بل هو كائن عرضة للتعلم الخاص والأفكار الانهزامية، ولديه القدرة على تصحيحها أيضا، وهو حين يضع يده على مواطن المغالطة في تفكيره ويجري عليها التصحيح اللازم فإنه يجعل حياته اكثر إرضاء له.(بيك،2000،ص35).
وقد تنشط التعليمات الذاتية في بعض الأمراض والاضطرابات بشكل مفرط بحيث يحدث المريض ذاته على الدوام، وثمة تعليمات ذاتية ترمي إلى عقاب الذات وأخرى ترمي إلى إثباتها، فقد يعنف الإنسان نفسه ويمطر عليها بوابل من اللوم ويعتبر نفسه تافها وقد تصل هذه المشاعر من القناعة إلى درجات مرضية فيصاب الشخص بالاكتئاب. او قد يكافئ نفسه لإنجازاته أو لثناء ناله. وهناك نوع أخر من التعليمات الذاتية يدور حول تجنب الفعل أو كفه فيستجيب أصحابه للمواقف البغيضة بأفكار مدارها التنصل والتجنب، فكلما واجهتهم مهمة تبدو مضجرة او مرهقة تولد لديهم فكرة عدم الفعل. وينظر في هذه الحالات إلى المرض العقلي على أنه اختلال في التفكير يشتمل على عمليات تفكير محرفة تؤدي إلى رؤية محرفة للعالم، وإلى انفغالات غير سارة، وصعوبات ومشكلات سلوكية.
لتحميل الكتاب كامل